سر حذف الواو في (يمح الله) وإثباتها في (يمحوا الله)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سر حذف الواو في (يمح الله) وإثباتها في (يمحو الله)

قال تعالى: (يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (39) الرعد.
وقال تعالى: (وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (24) الشورى.
في آية الشورى حذفت واو يمحو، وأثبتت في آية الرعد
والسر في ذلك يعود إلى دلالة حرف الواو في الاستعمال اللغوي.
حرف الواو أحد الحروف الهجائية، وهو في استعماله في لغة العرب يشير دائمًا إلى الباطن والداخل، أينما كان موضعه من الفعل أو الجذر، كان فاء الفعل، أو عينه، أو لامه، فمعناه ثابت لا يتغير.
ولذلك فإن الواو تشير إلى النفس إذا كان الفعل صادرًا منها، وعن إرادتها، وأنها مالكة لقرارها، وليس مفروضًا عليها، فكانت الضمة وهي أخت الواو علامة على الفاعل دون المفعول به، وأن الفعل صدر من نفسه وإرادته، وليس واقعًا عليه.
وواو العطف تفيد دخول التالي في الشأن الذي عليه الأول.
والداعي عندما يدعو أحدًا إنما يدعوه ليدخل في شأنه أو بيته أو أمره أو العمل الذي هو فيه ،لذلك تثبت الواو في الفعل يدعو، لكن في فعل الأمر "ادع" تسقط الواو؛ لأن الدعوة لم تكن من نفس الداعي، إنما كانت بناء على طلب من أمره بذلك.
قال تعالى: (وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً (11) الإسراء، هو يدعو بالشر لكن لغيره، وليس لنفسه، وإن انعكس بعد ذلك الشر عليه، فسقطت الواو دلالة على ذلك.
وقال تعالى: (سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18) العلق، أي سندع الزبانية ليأتوا لهم، وليس ليأتوننا، فأسقطت الواو لبيان هذا الاختلاف في المقصود ولمن سيتوجه المطلوب.
ولما كان الله تعالى هو المصرف للأمور، وأن إثبات أو محو شيء منها راجع إلى نفسه، ولمشيأته، وليس لأحد سواه، فأثبتت الواو في (يمحو الله ما يشاء)، أي أن ما يمحوه الله أو يثبته موجود عنده سبحانه وتعالى.
أما في آية الشورى فإن الممحو، وهو الباطل؛ (يمح الله الباطل)، لا علاقة له بالله سبحانه وتعالى، وأن الله عز وجل منـزه عن الباطل، وأن الباطل الذي يمحوه؛ هو عند غيره، وبعيدًا عن ذاته ونفسه، لذلك أسقطت الواو في الرسم العثماني زيادة في التأكيد على أن الله تعالى منـزه عن ذلك.
هذا سر من آلاف أسرار الرسم العثماني، وخالف فيه الإملاء الاصطلاحي، لتكون الكلمة بجميع حروفها صورة للواقع الذي تتحدث عنه.
ونسأل الله تعالى الذي بيده كل شيء، ومرجع كل شيء إليه، أن يمحو فقرنا، ويزيل ضعفنا، ويرفع الذل عنا، ويسقط الوهن منا، ويبعد الكفر والشرك وأهله عنا، وأن يشد عضدنا، ويثبت أقدامنا، ويسدد خطانا، ويردنا إلى ديننا ردًا جملاً، وأن ينصرنا على أعدائنا، ويمكن لنا في الأرض تمكين المؤمنين الصالحين الصابرين، إنه هو الغفور الرحيم، العزيز الحكيم.
والحمد لله رب العالمين

مع الشكر لــ أبو مسلم / عبد المجيد العرابلي

» أشياء لا تـفسـد الصوم لسماحة الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله
» كيف انتقم الله من الذين شتموا الرسول- صلى الله علية وسلم- عبر التاريخ ؟ عبرة لكل من اعتبر
» الكريم هو الله
» سبحان الله صور متنوعة
» أسماء الله الحسنى